Saturday, January 11, 2020

إلى أصدقاء بوزغيبة المزيفين


إلى أصدقاء بوزغيبة المزيفين

ما أكثر أصدقاء بوزغيبة الصحافيين  حين تعدهم ، لكن عند الإعلان عن جائزته  الرمزية يقل عددهم ، ليسمح لنا الشافعي على توظيف قولته المأثورة والشهيرة ، لأننا نراها المناسبة  لوضع النقط على الحروف ، كمؤسس لجائزة ثقافية ، قوامها لوحة فنية وكتاب . لكنها لا تمنح "للحلايقية"، والمهرجين،  و''الشوافات''، والمتاجرين في بيع البهائم  المهرجانية، و المشعوذين،  والمشعوذات، وما أكثر هذا الصنف النسائي في  بلدنا، الذي أصاب ثقافته الهوان  و ردة لا مثيل لها . الكل يركض وراء الإكراميات ،  و الاستفادة من منح اللجان  الوزارية التي تكاثرت كتكاثر الذباب الالكتروني، و السلاحف الورقية.
كيف لنا أن لا نستغرب لأمر هؤلاء الصحافيين والصحافيات مزدوجي المزاج ( ''دوبل فاص '') . تارة  نراهم يساندون الجائزة بحماس،  وتارة يتعاملون معها بجفاء و  ب "عين ميكة". فبعد التجربة الطويلة في تنظيم هذه الجائزة المتعبة ، اهتدينا إلى  ثلاث خلاصات: الأولى تتمثل في  الحسد، لأن  البعض يضن  أننا نجني أرباحا من الجائزة، فبعد نشر البلاغ ، على صفحات  أوراقهم الصفراء ينتظرون ''الكرمومة'' ، كما يفعلون مع  منظمي جوائز البيترودولار،  في حين أن العكس هو الذي يحصل . فإرسال الطروفي إلى متوجة تقطن في الهند، عبر البريد الجوي يتطلب أداء فاتورة لا يستهان بها . هم يعلمون أن الجائزة الدولية للفن الساخر لا تستفيد من الدعم العمومي، رغم أحقيتها ، باعتبار أن مؤسسها من دافعي الضرائب،  وكذلك لأنها  برهنت مند انطلاقها سنة 2005 على أنها  الأجدر ، كونها ابتعدت كل البعد عن الرداءة والمحسوبية، والشوفينية المرضية، والماديات . لكن طغيان المادة على السلوكيات، قوض المفاهيم .
الخلاصة الثانية تتعلق بالصحافيات المغربيات وعقدهن النفسية،  لأن كلمة بوزغيبة  تذكرهن بلحظات حميمية تثير اشمئزازهن ، كتلك التي يحملن فيها شفرة الحلاقة لقص  شعر الإبط ، في حين أن كلمة بوزغيبة  لا علاقة لها بشعيرات بني ادم ، فبوزغيبة اسم نبتة منتشرة في مزارع الشاوية، كتب عنها الكاتب المغربي محمد  البوحتوري كتابا قيما .
و أخيرا، فالخلاصة الثالثة تتعلق باستقلالية الجائزة ، حيث يخشى البعض أن تمنح إلى جزائري مناوئ للمغرب  أو  ما شابهه يعيش في المناطق المتنازع عليها . هذا التوجس المرضي حد داخليا من إشعاع الجائزة ، فالوكالة الرسمية للإنباء غطت نسختين و سكتت عن الباقي، لكن بفضل الانترنت ، ظل إشعاع الجائزة  متقدا. فلم تغطي الوكالة الدورة الخامسة إلا لسبب واحد، لأن المتوج كان مغربيا. 
من الغريب أنه كلما التقيت بواحد من هؤلاء الصحافيين  المنافقين، يستهلون كلامهم  بسؤال: " كيف حال بوزغيبة ؟"
إن بعض الوافدين الجدد  على الصحافة الثقافية، وغالبيتهم لا تقرأ ما كتبه من سبقوهم، يجهلون شيء هام ومهم، وهو أن مؤسس الجائزة والذي يسهر على تنظيمها مند سنوات  ليس بنكرة أو بمتطفل على المجال، فهو ناقد فني يشهد له بالنزاهة والاستقامة، لا يباع ولا يشترى . فبعبارة أدق، عندما كان هؤلاء المحررين المبتدئين تحملهم أمهاتهم في ‘‘لخروق'‘ كان هو  في الواجهة النضالية، يسخر كل طاقاته الإبداعية من أجل مغرب ثقافي راقي ، حيث  ساعد على إبراز عدد من المواهب. لكن مع الأسف بعدما عبروا النهر فوق ظهره ونشفت أرجلهم تنكروا للخير. منهم من صار يملك جرائد وقناة فضائية ، ومنهم من كبر شانهم بعدما كانوا ممزقي الثياب وخشيني  السحنات.
كلمتي الأخيرة : أتحدى الائتلاف حديثي النشأة الذي يدعي خدمة الثقافة ، أن يخلق جائزته،  بالاعتماد  فقط على موارده الذاتية، كما فعلت أنا بإصرار وبالتزام معنوي   . وسأكون من مسانديه المتطوعين رغم  جفاء وجهل  بعض مؤسسيه .
أما فيما يخص الحقودين الذين يعتقدون أن مفاتيح الإعلام بأيديهم ، أقول لهمّ: '' ما أفسح يوتوب .''

رزاق عبد الرزاق
ناقد وكاتب مغربي
مؤسس جائزة بوزغيبة للفن الساخر