Sunday, June 11, 2017

حديث الجمجمة

حديث الجمجمة


أتوصل يوميا بدعوات شخصية، عبر البريد الإلكتروني ، لكن مند زمان بعيد تعودت على عدم حضور اللقاءات التي يصفها المنضمون الرسميون بالصحافية، وهي في الحقيقة غير ذلك ، لأن الإملائي يطغى عليها من ألفها إلى بائها، وأن حيز النقاش يكون دائما ، عن قصد آو غير قصد، محدودا جدا ، لتجنب الأسئلة المحرجة ، التي تفسد الأجواء . وبما أننا في طقوس رمضانية، اصطبغت هذه السنة بحراك الريف ، حيث الكل ''على سبّة وعلى نقشة '' و قابل لاشتعال كعود الكبريت . لذا يجب تجنب الأهوال، التي تبدأ بالشفوي وتنتهي بالدموي. فحتى الأسئلة التي يطرحها صحافيو عصر الفايسبوك فايسبوكية المفعول ، لا تشفي الغليل . إن جل مداخلاتهم تصب في نفس الاتجاه الببغاواتي.
فلولا الجمجمة الأثرية التي دار الحديث حولها في الجرائد الفرنسية أياما قبل تنظيم لقاء وزارة الثقافة ( 9 يونيو) ، ولولا رغبتي في معرفة المزيد حول هذا الموضوع ، لما ''رحلت'' إلى أكاديمية تبعد بكيلومترات عن مركز المدينة ، والتي صرنا لا نسمع أي شيء عن أعمالها ومنجزاتها ، وذلك مند أمد طويل . ومن حسنات هذه الجمجمة التي أكل التراب من عظمها الهش ، أنها استطاعت خلق الحدث أكثر من الجماجم الحية التي ينتظر منها التميز بإبداعاتها الفكرية والفنية والثقافية، كذلك استطاعت آن توقظ هذه المؤسسة التي تم تدشينها سنة 1980 من سباتها العميق. ففي إحدى قاعاتها مر الإملاء في ظروف تواصلية مضطربة، لأن تزاحم المصورين أفسد المنصة. مما دفع احد قدامى مصوري الشركة الوطنية ''السينيرتي'' إلى سب المهنة، حيث غادر القاعة وملامح الغضب بادية على محياه .
وما تم ملاحظته خلال هذا اللقاء هو أن مديري الأكاديميتين الذين خصص لهما مقعدين في المنصة لم يلقيا أي كلمة . اكتفيا بالصمت. كذالك لوحظ غياب الخبراء الأجانب الذين ساهموا في الاكتشاف الاركيولوجي الهام . كنا نتمنى حضورهم لنتأكد من صحة الأقوال، حول تاريخ هذه الجمجمة التي أقامت دنيا الأعلام ولم تقعدها ، من حقنا أن نطرح على الجانب المغربي السؤال الجوهري التالي : ''لماذا تم تنظيم هذا أللقاء بعد فوات الأوان، و لم يتم التنسيق مع الأجانب في مبادرة أكاديمية وإعلامية مشتركة وموحدة ؟ كانت تفسيرات الطاقم المغربي غير مقنعة: '' انتظرنا صدور مجلة نايتشر''. لكن هل الجانب الآخر انتظر صدور العدد المخصص للمغرب، لتنطلق الحملة الدعائية في فرنسا ؟ ثم لنفرض أن هذه المجلة لم تنشر الخبر لظروف خاصة بها، هل كان سيلغى اللقاء مع الصحافة المغربية ؟ هناك شيء مرتجل آو مبالغ فيه في هذه التصريحات، وأن الحقيقة الكاملة كانت ستظهر بحضور جميع الطواقم المشاركة في البحث والتمحيص ، جنبا إلى جنب، لنعرف ما فعل زيد وما فعل بيرنار. الآن وبعد الحملة الدعائية حول فرضية اكتشاف أقدم جمجمة للجنس البشري بالمغرب ، حان الوقت للتثبيت العلمي والتأريخ الابستملوجي، عبر شهادات آهل الاختصاص المحنكين من بقاع العالم. وذلك من خلال مناظرة دولية يُستحب تنظيمها في المغرب تحث عنوان ''ارهود11'' ، مع استضافة اركولوجيين لديهم مصداقية و معترف بهم وبليونتولوجيين بارزين يشهد لهم بكفاءتهم دون نسيان علماء الانتروبولوجيا، والمؤرخين ، والمختصين في تقنيات تأرخة الحفريات، والاناتوميون (علم التشريح) لأن أي حديث عن الجماجم البشرية يهم العلماء أجمعين، مادام أن دراسة متبقياتها الاركيولوجية تدلنا على بعض خصائص الإنسان القديم ، بمقارنتها مع خصائص إنسان العصر الحديث. ثم لا ننسى أن علماء الأحياء يعتبرون أن المخ هو المحرك الأساسي لبنية الإنسان، يتحكم في الجهاز العصبي وباقي الأعضاء الحيوية ، لذا يجب الاهتمام بوعائه المتمثل في الجمجمة .  
من الطرائف التي أثارت الضحك داخل القاعة ، طرح متدخل سؤالا حول الانتماء القبلي : ''واش الجمجمة ديال أمزيغي ولا ديال عربي ؟ '' . فمن خلال كاريكاتير هزلي خصصته للحدث ، يرد بوزغيبة على المتسائل خفيف الظل : '' على ما أضن  هاذ لكران ديال ولد خو ولد سيدنا نوح ''.
رزاق عبدالرزاق


No comments: