السينما الهندية والأحاسيس الإدراكية التسعة
تنعقد الدورة الحادية عشر لمهرجان مراكش السينمائي الدولي في ظروف خاصة جدا، حيث يشهد الحقل السياسي المغربي متغيرات، أهمها رجوع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى صف المعارضة، كما تقتضيه الظرفية الحالية. وهذه مبادرة تستحق الإشارة إليها، ولو أننا بصدد الحديث عن أمور "السوليما". كذلك يعتبر تعيين رئيس حزب ذي مرجعية دينية لتشكيل الحكومة المقبلة، والتي تعتبر أول حكومة في ضل الدستور الجديد، حدثا يجب الوقوف عنده بحياد. حدث مثل هذا سوف يرخي بظلاله على شاكلة بعض المهرجانات وصيرورتها مستقبلا. لان انتقادات زعماء هذا الحزب الإسلامي الوجهة، خاصة تجاه الإعلام السمعي البصري بصفة عامة والسينما بصفة خاصة كانت لاذعة ومدوية. والآن وهم على دفة الحكم، هل باستطاعتهم إصلاح ما أفسده الزمان؟ هل بمستطاعهم تغيير الخارطة "المهراجاناتية"، أم سيقبلون بالأمر الواقع، مبررين عجزهم بوجود جيوب المقاومة، كما ألفنا سماع ذلك بعيد كل إخفاق، و يظهرون للملا في صورة المغلوبين على آمرهم، لا حول ولا قوة لهم، لان أيادي أعلى من أياديهم لازالت تتحكم في زمام الأمور، في الخفاء وفي العلن . "خبز طازج على الخشبة" كما يقول أهل الإفرنج. "و وريونا حنة يديكم" كما تقول عاميتنا..
أهم ما جادت به فعاليات فيفم-2011 هو التكريم المستحق الذي خصه المهرجان لملك بوليود شاه روخ خان. لم يكن احد يعلم أن الممثل الهندي المدلل سيأتي للمغري، نظرا لبرنامجه اليومي المملوء بالالتزامات، و كذلك لبعد المسافة التي تفصل بين المغرب والهند. ضن الكثير أن الأمر يتعلق بخديعة مدبرة، الهدف من ورائها إعادة الدفء الجماهيري إلى ساحة جامع لفنا، بعدما لوحظ في الدورات الأخيرة فتور و تقاعس وتدني على مستوى الاهتمام بما يقدم على الشاشة الكبيرة المنتصبة في الساحة المذكورة.
فعلا أتى بطل ديفداس، وغني لعشاقه المغرمين مقتطفا قصيرا من أغنية لحنها الملحن الموهوب المرحوم موهان مادان، و التي ووظفها المخرج ياش شوبرا بسلاسة، في فلمه " فير زارا".كان التجاوب رائعا، وزمن الانتشاء قصير.
كناقد سينمائي استهوته غواية أجمل ما ينتج في مصنعي الأحلام هوليود و بوليود . كنت من القلائل الدين دافعو باستماتة عن هذه السينما المتشبعة بالأحاسيس الإنسانية العميقة والفياضة، حاولت جاهدا وبكل ما أتيت من خبرة و تمرس إبراز أهم المعالم التي تميز الفلم الهندي عن الأفلام الدولية الأخرى، وذلك من خلال مقالات تحليلية عديدة، وإسهامات فكرية مستقاة من ألترات الهندي الغني والمتنوع، ومن الروافد الذي تنحدر منها الثقافة الهندية برمتها. مركزا على القيم الإنسانية التي تحمل في طياتها . هكذا فبعد محاورتي كتب الصحفي السوداني عمر عبد السلام في جريدة الشرق الأوسط اللندنية:
"ومقابل هذا النقد اللاذع الذي يطال الفيلم الهندي، فإنه يواجه أيضا بدفاع مستميت من نقاد سينمائيين يناصرونه، والذين يعتبرون أن اغلب السينمائيين المغاربة تربوا في أحضان الفيلم الهندي، وتعلموا أبجديات السينما منه. ويقول الناقد المغربي عبد الرزاق رزاق، وهو من ابرز المدافعين عن السينما الهندية: إن خصوم السينما الهندية يطلقون تصريحات طائشة في حقها وفي المقابل يدافعون عن الأفلام الأميركية التي تحرض اغلبها على العنف ونشر الإباحية، في حين أن الفيلم الهندي يدافع في عمقه عن الأخلاق وتماسك الأسرة، وقال: إن النقاد السينمائيين في أوروبا باتوا حاليا ينظرون إلى السينما الهندية نظرة ايجابية، نظرا لخصوصيتها وتفردها الثقافي، حيث أصبحت دول مثل ألمانيا وايطاليا وهولندا و بلجيكا، تحرص على حضور الفيلم الهندي في مهرجاناتها."
ركبت حصان طروادة لمجابهة عديمي الحس بالحجة والدليل والبرهان. سألت أحد النقاد المفرنسين ممن يطلقون أحكاما متسرعة وطائشة تجاه السينما الهندية والتي غالبا ما تنم عن عنصرية دفينة ، كم من فلم هندي شاهدت في حياتك؟ أجابني: تقريبا 200 شريط. رديت عليه متسائلا، وهل تعرف كم من فلم هندي أنتج حتى الآن مند 1947، أي مند السنة التي انشطرت فيها الهند العظمى إلى بلدين. قال لي: لا أدري .قلت له: اخرج ورقة وقلم وقم بالعملية الحسابية التالية:
64 عام تضرب في 1000 شريط مطول. اندهش للرقم الذي استنتجه من العملية الحسابية. فما شاهده من الأفلام الهندية لا يمثل إلا نسبة قليلة جدا، من هدا الكم . في الأخير "عطا احمارو" واعترف بالخطأ الذي اقترفه في حق هذه السينما الناهضة التي تشرف ليس فقط القارة الأسيوية، بل بقاعا أخري من العالم، كالفضاء المغاربي .
؟Sholayو Mother india و لنكن واقعيين هل ديفداس لهو؟ هل دوستي لهو؟
مند ذلك الحين أصبح صاحبنا من البوليوديين النشطين. كلما التقينا إلا وحدثني بشغف عن آخر فلم هندي شاهده..
كم كنت أتمنى لو اطلع على واحدة من الملحمتين المذكورتين في كتاب الأرقام القياسية المسميتين تباعا
ماهابهاراطا و رامايانا، حينها سيكون بمقدرته تذوق واستيعاب مضامين هده السينما المتميزة عن الباقي بخصائصها وجماليتها الأخاذة.
التقي ب شاه روخ خان، و لإهدائه مؤلفي الأخير حول السينما الهندية، والذي يحمل عنوان جئت إلى مراكش لكي
« LE CINEMA INDIEN ENTRE NIRVANA ET NAVARASAS »
خصصت صفحات عديدة ل"بادشاه" هوليود ألا وهو شاه روخ خان و "شاهنشاه" السينما الهندية أميتاب باشان.
هدين النجمين الكبيرين التقيا في أفلام عديدة ك:
Kabhi Khushi Kabhie Gham, Veer-Zaara, Mohabbatein , Kabhi alvida naa kehna
لأسباب لازلت أجهلها لم يتأتى لي شرف هدا اللقاء، سكرتارية المهرجان لم تفي بوعدها. وبقيت أنا و كتبي خارج المدار. اعتقد أن سبب هدا الاحتقار الأنيق و المهذب، يرجع إلى المقال النقدي الذي كتبه في جريدة الرأي المغربية. والذي صدر يوم الافتتاح. انتقاما مني أعطوني شارة "بادج" لا قيمة لها. لذلك أرجعتها إلى الجهة التي أصدرتها، لكن سوف اجد طرقا أخرى لإرسال الكتاب إلى الممثل المحتفى به. فمن خلال مكالمة هاتفية توعدت السفارة الهندية بالقيام بهذه المهمة النبيلة.
نشكر هنود الرباط مسبقا على هذا التفهم الذي لم نجده بين ظهرانينا، ومن هم من بني جلدتنا.
رزاق عبدالرزاق
كاتب وناقد سينمائي
No comments:
Post a Comment